الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث أخبار الجمهورية تكشف أسرار وحقائق حول إغراق السجون بالهواتف الجوالة والـمـواد الـمخـدرة...

نشر في  27 ماي 2015  (11:50)

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وجود هواتف جوّالة بحوزة المساجين، وعن سوق سوداء ناشطة داخل السجون التونسية، وانتشار للزطلة والمواد المخدرة وهو ما تطرقنا اليه بالتفصيل في العدد الفارط من أخبار الجمهورية .. ولعل السؤال المطروح هنا هو كيف تتم عملية ادخال الهواتف الجوالة والمواد المخدرة للمساجين؟، وأين الرقابة من كل هذا؟ وكيف يتمكن المساجين من اجراء مكالماتهم والحال أننا على علم بأن ادارة السجون ثبتت في 28 وحدة سجنية بكامل التراب التونسي أجهزة مبطلة للذبذبات عالية الجودة؟
أخبار الجمهورية اتصلت باعوان سجون وبحثت في هذا الموضوع ...

في البداية علمنا أن المنظومة الاستعلامية داخل الوحدات السجنية هي من كانت تتصدى لمثل هذه التجاوزات، لكن بعد الثورة ونظرا للفوضى التي شهدتها البلاد وسعي بعض الأطراف الى ضرب هذه المنظومة كثرت التجاوزات داخل السجون ولعل أبرزها التمكن من تسريب الهواتف الجوالة والمواد المخدرة وكذلك تمكين بعض الأعوان المساجين من هواتفهم قصد اجراء مكالمات هاتفية بمقابل مالي، كما علمنا أن عديد التقارير حول هذا الموضوع ـ والتي نمتلك نسخا منها ـ سلمت الى الادارة العامة للسجون والاصلاح لكنها لم تتخذ اجراءات ردعية وادارية وقضائية ضدّ هؤلاء الأعوان.

كيف تتم عمليات التزويد؟

من الطرق المعمول بها لتمكين المساجين من المواد المخدرة أو الهواتف الجوالة نذكر عمال الحضائر حيث عادة ما يكون هؤلاء محل ثقة نسبية من قبل الأعوان، ويعمد البعض منهم الى ادخال الهواتف الى المساجين الذين يشكّلون وسيطا بين السجين وعائلته ..
وأما الطريقة الثانية فهي ما يعرف بـ«القفّة» وعادة ما تحتوي الممنوعات كبيرة الحجم، حيث يتم وضع المواد المخدرة أو الهواتف الجوالة داخل الأسطل الكبيرة أو داخل المواد الغذائية، كما يعمد البعض الى رحي المواد المخدرة وخاصة الحبوب مع الأكل وهنا يصعب على الأعوان التفطن اليها، ومن بين الحيل المعتمدة على سبيل المثال لتمكين السجين من مادة الزطلة طبخ هذه المادة مع الأكل، أو وضع المواد المخدرة داخل الملابس قبل أن تتم عملية خياطتها، وعادة ما تكثر هذه التجاوزات خلال شهر رمضان حيث تتساهل ادارة السجون نوعا ما مع «القفة» .
ومن الطرق الأخرى نذكر «توظيف» أعوان السجون في حدّ ذاتهم، حيث يمنح العون هاتفه الجوال للسجين قصد اجراء مكالمة هاتفية قصيرة بمقابل مالي حسب ما أكدته مصادر أخبار الجمهورية، وهنا نذكر أننا أشرنا في مقال سابق الى عون سجون مكّن عنصرا ارهابيا من هاتفه الجوال مقابل 15 دينارا في سجن برج العامري.
كما يعتمد المساجين على المزودين لتمكينهم من المواد المخدرة والهواتف، وهنا نقصد من يزودون السجن بالمواد الأساسية.
وذكرت مصادرنا أن مصدر المعلومة عادة ما يكون أحد المساجين، حيث يعمد الى الوشاية بزميل له، خاصة عندما يرفض هذا الأخير تمكينه من هاتفه.

الأجهزة المبطلة للذبذبات

وأكدت مصادرنا أن كل الوحدات السجنية في التراب التونسي والمقدر عددها ب28 وحدة بها أجهزة مبطلة للذبذبات، غير أن بعضها معطب إمّا نتيجة عدم الصيانة أو نتيجة تعطيلها من قبل المساجين حيث يعمد البعض الى قطع الأسلاك ..
وعلمنا أنه ورغم توفر هذه الأجهزة الحديثة الا أنها لا تبطل الذبذبات بنسبة 100 بالمائة حيث عادة ما تكون هناك أماكن معينة داخل السجن يمكن الاتصال منها ومن الطرائف التي استمعنا اليها أن المساجين يعمدون الى وضع علامات على الأماكن ذات الشبكة العالية .. وأكدت مصادرنا أنه ونظرا الى ضعف الذبذبات يصعب على المساجين ممن يمتلكون هواتف استخدام الانترنات رغم أنه جدت مؤخرا حادثة شاذة تمثلت في التجاء سجين الى تنزيل صوره داخل السجن عبر شبكة التواصل الاجتماعي وتم تحرير تقرير في الأمر سلم الى ادارة السجون ..

من يمتلك الهواتف الجوالة؟

كما أفادتنا مصادرنا أن المساجين الذين يمتلكون هواتف جوالة عادة ما يتاجرون بها حيث يتحول الهاتف الشخصي الى هاتف عمومي يسلمه الى بقية المساجين بمقابل مالي وعادة لا تتجاوز المكالمة الدقيقة أو الدقيقتين، كما أن امتلاك هاتف جوال ليس في متناول جميع المساجين حيث أن أغلبهم من ميسوري الحال، أو من الشخصيات الهامة في المجتمع من سياسيين الى رجال أعمال أو رجال اعلام، وهنا نشير الى أنه راجت مؤخرا أخبار مفادها أن اعلاميا معروفا يقبع داخل السجن بحوزته هاتف جوال خاص يحمل الرقم الاول منه «53»
أما بالنسبة الى الارهابيين داخل السجون التونسية، فلا يمكن تسريب هواتف جوالة من خارج السجن، وعادة ما يمكّنهم مساجين الحق العام من هواتفهم خاصة وأنه لا توجد تفرقة بين الارهابيين ومساجين الحق العام في الغرف. وأكدت مصادرنا أنه ونظرا لتطور أجهزة تعطيل الذبذبات أصبح الارهابيون يعتمدون على طرق أخرى لايصال وتلقى المعلومة، حيث يعمد ارهابي طليق الى حلق لحيته وارتكاب جنحة كالسرقة أو اعتداء بالعنف أو ما شابه ذلك من اجل ايقافه مدة قصيرة ويتمكن بذلك من ايصال المعلومة..

المخدرات

المعلوم أنه تم اغراق الوحدات السجنية بالمواد المخدرة حسب ما أكده عديد النقابيين، وباستفسارنا حول الموضوع علمت أخبار الجمهورية أن من الأنواع الرائجة داخل السجون هي السوبيتاكس والتركيزول وايكوانين واكستزيت والتيمستا اضافة الى الزطلة، ويتم ادخالها كما أشرنا سابقا عبر خلطها بالأكل أو داخل مواد غذائية أو توزيعها داخل الملابس..    
وهنا نشير الى أن سجن الناظور على سبيل المثال شهد تدخلا لفرقة مجابهة الارهاب للحرس الوطني التي قامت بتفتيش السجن وعثرت على عشرات الهواتف الجوالة وأنواعا متعددة من المخدرات.

اعداد: سناء الماجري